الأربعاء، 28 سبتمبر 2016

العدل أم التعليم

أشكر وأحترم كل من يقوم على هذه المبادرة وأولهم الدكتور عصام حجي، انما أختلف معكم وأود مناقشتكم في نقطة البداية:

رأيي أن العدل بمفهومه الشامل يأتي قبل التعليم كهدف استراتيجي وحيد، يكفي تنفيذه وحده لنقل مصر نقله نوعية للأسباب التالية:

1- العدل هو قيمة تمس جميع فئات المجتمع ويعرف قيمتها الجميع، الجاهل قبل المتعلم الغني والفقير الرجل والمرأة حتى الأطفال يعرفون قيمة العدل تلقائيا دون ان يعلمهم اياه احد اذا مروا بتجربة ظالمه حتى في ابسط الاشياء.

2- التعليم يعرف قيمته فقط المتعلم وبالتالي هو ليس مطلب جماهيري في بلد مثل مصر ذو أغلبية غير متعلمة وان كان بعضهم حصل على قدر من التعليم ولكنه يظل جاهل بسبب نظام التعليم في مصر.

3- لا يمكن لأحد ان يفند الرغبة في تطبيق العدل على انه مثلا مؤامرة على مصر او الحاد او ان المصريين غير جاهزين للعدل او مثل هذه المقولات التي عادة ما تشيطن اهداف نبيلة مثل حرية التعبير والديمقراطية والتعليم وغيرها.

4- تطبيق العدل وحده كاف لتطبيق كل الاهداف النبيلة الأخرى اذا نظرنا للعدل نظرة شاملة وليس فقط داخل المحاكم، على سبيل المثال المساواه بين الناس للتقدم للوظائف والحصول على نفس الفرصة بغض النظر على الجنس او اللون او الدين هو عدل انما غير قابل للتفنيد او صعب الفهم, كمثلا المطالبة بالمساواة والتي دائما ما تفند من مفهوم ديني.

أيضا حق الانسان في ان يختار الرئيس من خلال انتخابات حرة هو عدل لأنه يتيح للجميع ان يتم احتساب اصواتهم بنفس القيمة والاهمية وايضا تطبيق القانون على المزوريين ايا كان منصبهم هو عدل.

5- العدل هدف واضح ومفهوم للجميع لا يحتاج لشرح او تفصيل ولا يتضمن مفردات صعبة على الطبقة الغير متعلمة.

6- تطبيق العدل بمفهومه الشامل سيتضمن بالضرورة تطوير التعليم لأنه من العدل وضع الإنسان الكفئ في المكان المناسب وينعكس ذلك على كل الأهداف الأخرى.

7- تطبيق العدل ذو أثر فوري، سيرى الناس أثره بشكل سريع وبالتالي سيدعمون النظام الحاكم الذي يطبقه بعكس التعليم الذي يحتاج سنوات كثيرة حتى يظهر أثره وربما يستغل ذلك المتربصين لافشال التجربة قبل ان تكتمل.

8- تطبيق العدل بمفهومه الشامل هو في حد ذاته قيمة تستحق التنفيذ ويتطلب جهدا لا اتصور انه يمكن لشئ اخر ان يأتي معه في اربع سنوات او ثمانية هي مدة اي رئيس منتخب ولذلك يجب التركيز عليه وحده واستنباط أهداف اصغر يمكن ان تنفذ في مده اقصر ولكن تدور في نفس فلك تطبيق العدل.

9- عادة ما يتسامح الناس اذا مروا بظروف صعبة او قاسية ولكنها عادلة كمثلا زيادة الاسعار وغلاء المعيشة على جميع طبقات المجتمع بلا استثناء دون ان يكون هناك طبقة وحيدة مستفيدة او غير عابئة بمشكلات المجتمع، وهذا مفيد لأن اي رئيس لن يستطيع ان يحل المشكلات الاقتصادية بشكل سريع.

10- مجرد الاعلان عن العدل كهدف استراتيجي وتنفيذ بعض الخطوات المؤدية له سيؤدي بالضرورة لتحسن الوضع الاقتصادي، لأنه سيؤدي لزيادة ثقة المجتمع والمستثمرين المحليين والخارجيين في الدولة، ومعروف اقتصاديا ان التفائل بالمستقبل بشكل عام يؤدي الى تحسن اقتصادي بالضرورة.

اخيرا لا اريد ان اعدد مزايا تطبيق العدل لانها معروفة ولكن ما اود التركيز عليه هو ان العدل هو نقطة البداية الحقيقية لكسر الحلقة المفرغة التي تمر بها مصر منذ 60 عاما فهو مطلب جماهيري يمكن للجماهير دعمه بسهوله حتى ان بعض الناس التي مرت بتجارب ظالمة وقاسية يمكن ان تضحي بحياتها من اجله، واضح لا يحتاج شرح، غير قابل للتفنيد او الشيطنة وفوائده معلومة للجميع.

الجمعة، 22 فبراير 2013

الرئيس الإسلامي الذي شوَه الإسلام

Morsiأتصور أن الشباب الغيور على الإسلام والمواطنين المصريين المتدينين بطبعهم والشيوخ والوعاظ الذين أوصلوا محمد مرسي للحكم كمرشح إسلامي كانوا يقصدون من وراء ذلك الخير لمصر من منطلق أن الإسلام يعني الخير والنماء والعدل والرحمة والكرامة والصدق والبركة ومساعدة الفقير وإعمار الأرض وإثبات أن الإسلام دين حضارة يستطيع أن يضاهي ويتفوق على الحضارات المتقدمة في العالم كله وأن يملأ ذلك كله ميزان حسناتهم, لا أتوقع أن يكون هناك أي مقصد آخر فهذا ما تعلمناه عن الإسلام.

ولكن...

بعد متابعتنا لشهادات التعذيب البشعة التي يتعرض لها المعتقلون في عهد الرئيس "الإسلامي" مرسي والتي تفوقت على ماكان يحدث أيام مبارك واتخذت من سجن أبو غريب في العراق مثلا أعلى يُحتذى به, أتوجه ببعض الأسئلة للشيوخ المتبحرين في الدعوة والشباب المتحمس للرئيس "الإسلامي" مرسي:

هل تُشككون في روايات وشهادات التعذيب؟
أليس من الممكن أن يكون أحدها صحيحا, خصوصا أن الضباط الذين كانوا يمارسونها أيام مبارك مازالوا في أماكنهم؟
ماذا فعل مرسي ليتحقق منها؟
هل فتش السجون والمعتقلات؟
هل أمر بعمل لجنة قضائية من قضاه معروف عنهم النزاهة للتحقيق في هذه الوقائع؟
هل أبلغ الشعب وقيادات الداخلية في أحد خطاباته أن أكثر ما يهمه هو الحفاظ على كرامة المصريين وأنه سيضرب بيد من حديد لكل من يهدر كرامة مصري حتى لو كان مجرما يستحق العقاب؟
لماذا لم يأمر مرسي بالقبض على هؤلاء الضباط ومحاكمتهم على كل وقائع التعذيب التي حدثت أثناء حكم مبارك والمجلس العسكري خصوصا أن جماعته يعرفونهم بالإسم؟
لماذا لم يأمر مرسي بدعوة مجموعة من خبراء هيكلة وتدريب الأجهزة الأمنية من جميع أنحاء العالم كما حدث مع كل الأنظمة القمعية بعد سقوطها؟
لماذا لم يصدر مرسي تشريع يجرم ويحاسب كل من يتعرض لكرامة المواطن عندما كان يملك سلطة التشريع؟
ألا يهتم مرسي أو يغضب لإهدار كرامة مواطن مصري واحد فضلا عن سحله وكهربته والإعتداء عليه جنسيا وتهديده بجلب عائلته؟
أم أن مرسي لا يعلم ولا يقرأ ولا يشاهد التليفزيون؟
هل دخل القصر وأصبح في برج عالي بعد ثمانية شهور من رئاسته؟
طيب, ألا يسمع أو يقرأ أو يعلم أي أحد من قيادات حزبه أو جماعته أو شيوخ التيار الإسلامي بما يقال عن حفلات التعذيب التي يتعرض لها المعتقلون؟
هل يجدون صعوبه في الوصول لمرسي وإخباره إن لم يكن يعلم, حتى فقط للتحقق منها فربما يكون أحدها صحيحا؟
وإن كان يعلم ولم يفعل شيئا كيف يبرر لنفسه السكوت؟ هل يقول أن الضرورات تبيح المحظورات؟
هل يعتقد أنه بذلك يثبت الحكم الإسلامي فلا غضاضة من إهدار كرامة بعض المصريين وسحلهم وكهربتهم وتعذيبهم وربما قتل بعضهم, فهم كانوا سيموتون من الجوع على أي حال؟
وهل هذه من المحظورات التي يمكن أن تباح في سبيل هدف آخر أيا كان؟
وهل يستطيع أن ينام مرسي أو يصلى أو يتعبد لله وهو مطمئن أنه على صواب وأن الله لن يسأله عنها إن كان يعلم أو حتى لم يعلم ؟
وأخيرا أسأل شيوخنا العظام هل يحاسب الله الحاكم المسؤول عن 80 مليون إنسان مثلما يحاسب الإنسان العادي أم أن حسابه عسير يوم القيامة؟ وهل هذه صورة الإسلام التي كنتم تقصدون إظهارها للعالم تحت الحكم الإسلامي؟

هذه إحدى شهادات التعذيب في عهد مرسي (لا تقرأها إذا كنت رقيق القلب فسوف تؤذي مشاعرك وتؤلمك بشدة) إقرأها هنا
وهذا أيضا تقرير اللجنة الثلاثية التي تؤكد مقتل الشهيد "الجندي" من التعذيب
 

الأحد، 18 مارس 2012

هل سيقيل الرئيس القادم المشير طنطاوي ؟

يتمثل المشهد السياسي الآن في مصر في الإجابة عن السؤال: هل سيقيل الرئيس القادم المشير طنطاوي أو يحيله إلى التقاعد؟ وهل سيترك أعضاء المجلس العسكري مستقبلهم في يد الرئيس الذي سيختاره الشعب باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة أيا كانت توجهاته؟ أم أن ترتيبات محدده سيقوم بها المجلس العسكري ربما بالتعاون مع الأغلبية البرلمانية تمكن خروجا آمنا للمشير طنطاوي وأعضاء المجلس العسكري من السلطة؟
نعرف جميعا أن الرئيس المخلوع حسني مبارك يحاكم بتهمة قتل المتظاهرين السلميين مع أننا ندرك أنه لم يقم بإطلاق الرصاص بنفسه ولكنه يتحمل المسئولية بإعتباره حاكم البلاد والذي يملك جميع الصلاحيات سواء بإعطاء الأوامر لإطلاق الرصاص أو حتى السماح بالسكوت عنه. من هنا نفهم إمكانية تعرض المشير طنطاوي وأعضاء المجلس العسكري لنفس المصير بإعتبارهم مسئولين عن قتل وسحل وتعذيب و تعرية المصريين وأيضا إنتهاكات حقوق الإنسان التي يسهل إثباتها ومن ضمنها كشوف العذرية في الفترة من 11 فبراير حتى الآن أثناء فترة حكمهم للدولة, ونتفهم أيضا قلقهم من إنفجار مطالبات شعبية ومظاهرات على الأقل من شباب الثورة تطالب بمحاكمتهم فور تركهم السلطة.
من كل ماسبق وبفرض أن ذكاء المجلس العسكري يتخطى كثيرا ذكاء الرئيس المخلوع نستنج وجوب ترتيبات خروج آمن له, وأتصور أن طول الفترة الإنتقالية والتخبط في إدارة البلاد كانت نتيجة لعدم القدرة على رسم أو إختيار طريق محدد لهذا الخروج أو أنه كان مقصودا وهو جزء من الترتيبات اللازمة, وفيما يلي أستعرض بعض السيناريوهات كما أتخيلها ولكني أيضا لا أستبعد سيناريوهات جديدة:

1-      أن يضمن المجلس العسكري ولاء الرئيس القادم

الاثنين، 12 مارس 2012

خلق البديل


بات معلوما ومحققا عزل الثوار الحقيقيين عن الشارع واستبعادهم من العملية السياسية وأيضا الإلتفاف على مطالب الثورة وأهدافها وتقسيم مصر بين النظام القديم والمجلس العسكري والقوى الاسلامية الساعية لفرض أيدلوجياتها الخاصة من خلال صفقة لتبادل المصالح.

وقد وضحت في مقالي السابق أسباب هذه العزلة والطريق المؤدي للخروج منها من وجهة نظري وهو العمل بنفس الصيغة الرابحة والمجربة سابقا خلال الثمانية عشر يوما الأولى للثورة في يناير 2011 والشهور القليلة السابقة عليها من خلال المفكر الحالم والطلائع الثورية والشعب المتفاعل والعمل على الإعداد للموجه الثانية للثورة على المدى المتوسط خلال السنتين القادمتين والتي يتمثل تطبيقها في هذه المرحلة بخلق البديل المؤهل والقادر على إدارة مصر بفكر الثورة ولكن بوسائل أكثر تعقيدا وتنظيما عبر إنشاء جماعة ضغط سياسي يندمج فيها كل الأحزاب والحركات السياسية الممثلة للثورة والراغبة في العمل من أجل الوطن فقط, وتكوين هيكل تنظيمي وإداري كامل وقواعد حاكمة تنظم العمل الجماعي وتنظم عمل هيئات جماعة الضغط ومكاتبها ولجانها وطرق إتخاذ القرار فيها وانتخاب قياداتها حتى نتلافى الاختلافات والانشقاقات المتوقعة.

الأربعاء، 29 فبراير 2012

عزلة في ميدان التحرير


أخبرتنا الأيام الأولى لثورة 25 يناير والشهور القليلة السابقة عليها بوجود مجموعة من المفكريين الحالمين الذين يحللون ويخططون ويرسمون الأهداف والرؤى ويحرضون عليها, ثم طلائع تتواصل وتشجع وتنفذ تكتيكات على الأرض وتلتزم بما هو متفق عليه وأخيرا مجموعة أكبر تتأثر وتتفاعل وتشارك ومن ثم تعيد التأثير مرة أخرى ويكبر حجمها حتى تصل الى كتلة حرجة يمكنها أن تمثل قوة تأثير وضغط هائلين, ورأينا أن هذه الكتله الحرجة وصلت في أعلى تمثيل لها الى 20مليون مصري يوم 28 يناير 2011 عندما تحركت لم يستطع أن يقف في وجهها أي شىء ثم وصلت لما يشبه العصيان المدني الكامل.

قام الثوار بتطبيق هذه النظرية بحرفية شديدة وكأن أمهاتهم ربتهم وأنشأتهم عليها للتنفيذ خلال الثمانية عشر يوما الأولى من عمر الثورة, وكان من المفترض أن نتمسك بالوصفة السحرية حتى تنفيذ جميع أهداف الثورة, الوصفة التي أثبتت نجاحا باهرا واستصاعت عزل النظام والاطاحة برأسه, بل على العكس بدأنا في خلق وتنفيذ صيغ أخرى لم تثبت نجاحا واحدا بل على العكس باتت تؤدي الى مزيد من الانكماش والانغلاق والفشل.

لقد أخطأنا حينما تشرذمنا وكونا عددا لا يحصى من الحركات والائتلافات الميكروسكوبية وأثبتنا للناس أننا لا نتفق على رؤية أو مسار أو حتى رأي واحد, أخطأنا حينما ظل البعض يتظاهر في الميدان بدون حشد كاف وبدون تنسيق مع باقي المصريين, أخطأنا حينما راهنا على أن الشعب سيقف مع الثورة لمجرد احداث التغيير دون تحديد الرؤية والمسار البديل بدقة بينما تناسينا أن من طبائع الأمور أن الأقلية هي التي تبحث عن المستقبل وهي مستعده للتضحيات بينما الأغلبية تبحث عن الاستقرار وترتعد من المجهول فذهبنا وأطلقنا على الائتلاف الممثل للثورة في الانتخابات البرلمانية ب "الثورة مستمرة" في غياب رؤية بديلة وتجاهلنا فكرة الاستقرار التي يجمع عليها البسطاء, ثم دعينا لعصيان مدني شامل ينجح فقط عندما يشارك فيه الجميع في حين أن الناس مشغولين في تدبير احتياجات يومية في ظل ظلام مستقبل مجهول, فأظهرنا قلة عددنا وضعف تأثيرنا مع أن الحقيقة البشرية أن   الطلائع دائما قلة فهم الأشجع والأبصر والأكفأ.